التطور في مجال التربية الخاصة
بالمملكة العربية السعودية
تعتبر المملكة العربية
السعودية من الدول العربية الرائدة في تطبيق الأساليب التربوية الحديثة
لذوي الاحتياجات الخاصة من البنين والبنات في سن المدرسة. حيث تطبق الأساليب
والتقنيات الحديثة والتي تركز على مراعاة الفروق الفردية، ضمن إطار تعليمي تربوي
أقل تقييدا وأقرب ما يكون للعادية.
فقد خطت المملكة خطوات واسعة نحو الانتقال بالأفراد من ذوي
الاحتياجات الخاصة من بيئة العزل إلى بيئة المدرسة العادية والتي أصبحت تستوعب
العدد الأكبر من هؤلاء الأفراد ، بعد أن كانت تصد عنهم وتأبى أن تضمهم تحت
مظلتها.
فقد بدأ التعليم الخاص في المملكة العربية السعودية بجهود فردية
لاحت منذ عام 1952 وتركزت حول الإعاقة البصرية. واستمرت الجهود الفردية في هذا
المجال إلى أن أنشأت أول مؤسسة حكومية
للمكفوفين بالرياض عام 1960 تلاها عام
1962 صدور قرار بإنشاء أول إدارة تختص ببرامج التعليم الخاص الخاصة بالمكفوفين
والصم والمعاقين عقليا، وتحولت عام 1972 إلى ثلاثة إدارات منفصلة خاصة بالإعاقات
الثلاثة السالفة الذكر(5).
وقد ساهم في تطور حركة التعليم الخاص بالمملكة عدد من
الجمعيات المحلية والعربية كالمكتب الإقليمي الدائم للجنة الشرق الأوسط لشئون
المكفوفين (سابقا)، وجمعية رعاية الأطفال المعوقين، وجمعية الوفاء، والجمعية
الفيصلية، ومؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية، ومركز الأمير سلمان لأبحاث
الإعاقة، وغيرها من المؤسسات التي أخذت على عاتقها مهمة المساهمة في دعم عجلة
التعليم الخاص جنبا إلى جنب مع الجهات الرسمية.
وتعتبر جامعة الملك سعود من الجامعات السعودية الرائدة
في هذا المضمار، حيث أنشئت عام 1984 قسم التربية الخاصة والذي يعتبر القسم الأول
في المملكة والعالم العربي الذي يؤهل طلابه طالباته للحصول على درجة البكالوريوس
في التربية الخاصة. ورغم قصر المدة الزمنية
التي مرت منذ انشائه فقد سار في مراحل تطور متعددة، تمثل أبرزها في تعديل خطته
ثلاث مرات بغرض زيادة فعالية الدور الذي يضطلع به في أداء رسالته العلمية
والتربوية والتي تهدف الى تطوير الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة في
المملكة العربية السعودية. ويطرح القسم عدد من المسارات التخصصية في مجال التربية
الخاصة كالاعاقة البصرية والذي تم ايقافه حاليا والاعاقة السمعية والعقلية وصعوبات
التعلم والتفوق العقلي والابتكار. ويهدف القسم الى تأهيل معلمي التربية الخاصة
للعمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، سواء في معاهد
التربية الخاصة أو مدارس التعليم العام التي تتبع لوزارة المعارف ووزارة العمل
والشئون الاجتماعية ووزرارة الصحة . وكذلك
للعمل في المدارس التابعة للجمعيات الخيرية.
ولقد تخرج من القسم عدد كبير من المعلمين والمعلمات يزيد عن ألف معلم ومعلمة
يعملوا حاليا في قطاعات حكومية وخاصة في مجال التربية الخاصة.
وتجري حاليا الدراسة لاستحداث مسار الاضطرابات السلوكية
والانفعالية وذلك لاهميته في رعاية فئة أخرى من ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد تم
افتتاح برنامج دبلوم التربية الخاصة قبل عامين في نفس الجامعة للذكور، وسيتم البدء
ببرنامج الماجستير والذي تمت الموافقة علية رسميا مع بدء العام القادم في جامعة
الملك سعود بالرياض(5).
ويتضمن قسم التربية الخااصة عدد من الخدمات التي تساهم
في تطوير طلابة العاديين وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يشمل غرفة للمصادر والمعامل
والخدمات تشمل عدد من الأجهزة والأدوات والوسائل التعليمية من انتاج طلبة القسم
وعدد من الكتب والنشرات والافلام المتخصصة في مجال التربية الخاصة.
ويوجد في القسم أيضا مختبر للمكفوفين توجد به وسائل
مساعدة تعليمية وحركية وغيرها من الادوات التي يستفيد منها الطلبة المكفوفين
والعاديين. كما توجد في جامعة البنات وحدة للخدمات الخاصة تابعة للقسم تقدم الدعم
والمساندة للطالبات من ذوات الاحتياجات الخاصة في الجامعة.
ويضطلع القسم بمسئوليات أخرى متخخصة غير تلك من مثل
المساهمة في دعم برامج التربية الخاصة في المجتمع ، من خلال تقديم المشورات
العلمية واجراء البرامج التقييمية للبرامج والمناهج المطروحة في الميدان، وتوعية
أفراد المجتمع من خلال المحاضرات والندوات والمؤتمرات وورش العمل التي يساهم بها
القسم مستقلا أو بالتعاون مع جهات أخرى .
كما يدعم أعضاء القسم مجال التربية الخاصة بالبحوث والكتب المؤلفة
والمترجمة. واجراء الدورات التدريبية للعاملين بالميدان داخل وخارج نطاق الجامعة.
وقد قامت وزارة التعليم
العالي بالتوسع في إنشاء أقسام أخرى للتربية الخاصة في الجامعات والكليات الأخرى
كجامعة الملك خالد في أبها وجامعة الملك عبدالعزيز في جدة وكلية دار الحكمة ومعهد
المعلمين في جدة. وسيتم إنشاء المزيد من الأقسام في المدن الرئيسية في المملكة في
القريب العاجل بإذن الله تنفيذا لتوجيهات سمو ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن
عبد العزيز لتطوير خدمات التربية الخاصة في المملكة(3).
التطور في مجال دمج ذوي الاحتياجات
الخاصة المملكة العربية السعودية:
انطلاقا من سياسة التعليم في المملكة والتي نصت في
موادها من (54-57) ومن (188-194) على أن تعليم المتفوقين والمعوقين جزء لا يتجزأ
من النظام التعليمي بالمملكة،ومواكبة للتطورات التي يشهدها مجال التربية الخاصة في
المملكة،وإدراكا من وزارة المعارف لحجم المشكلة والتي تتمثل في أن حوالي (20%) من
تلاميذ المدارس العادية قد يحتاجون لخدمات التربية الخاصة حسب ما هو معروف عالميا،
واقتناعا من الوزارة بأهمية تقديم خدمات لتلك الفئات وما قد ينتج عنها من نقلة
نوعية في العملية التربوية، فقد وضعت الأمانة العامة للتربية الخاصة بالوزارة عشرة
محاور تنطلق من استراتيجية تربوية تهدف إلى تفعيل دور المدارس العادية في مجال
تربية وتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتوسيع نطاق دور معاهد التربية الخاصة
ليضطلع بأدوار أخرى غير التي كان يؤديها مسبقا.
ويستهدف الدمج في المملكة فئتين:
الفئة الأولى موجودة أصلا ضمن المدرسة العادية وتستفيد
من برامجها التربوية، لكنها بحاجة الى خدمات التربية الخاصة: مثل الموهوبين
والمتفوقين، وفئة صعوبات التعلم ، وفئة المعوقين جسميا وحركيا، وفئة ضعاف البصر،
وفئة المضطربين سلوكيا وانفعاليا، وفئة المضطربين تواصليا.
أما الفئة الثانية: فهي تدرس تقليديا في معاهد
التربية الخاصة، أو برامج الفصول الخاصة الملحقة بالمدرسة العادية، لكنها تحتاج
إلى الاندماج التام مع الأقران العاديين في المدرسة العادية مثل: فئة المكفوفين
وضعاف السمع.
وقد أحدث الدمج نقلة نوعية وكمية هائلة في مجال تربية
وتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المملكة رغم قصر عمر التجربة في هذا
المجال. حيث بلغ عدد برامج التربية الخاصة
(66) معهدا وبرنامجا للبنين والبنات عام 1995/1996. تضاعف هذا العدد ليصل (1120) معهدا وبرنامجا
للبنين والبنات عام 2002/2003. كما ارتفع
عدد طلاب هذه المعاهد والبرامج
من النقاط التالية:
1. جاءت
الزيادة المذكورة سابقا في عدد المعاهد والبرامج لصالح البرامج المستحدثة على حساب
المعاهد. حيث كان عدد المعاهد عام
1995/1996 (54) معهدا منها (36) للبنين و (18) للبنات وكان عدد البرامج في ذلك
العام (12) برنامج للبنين ولاشيء للبنات، بينما اصبح عدد المعاهد في عام 2002/2003
(66) معهدا للبنين والبنات منها (38) للبنين و(28) للبنات، واصبح عدد البرامج
(1054) برنامجا منها (874) للبنين و (180) للبنات. كما أن الزيادة الضئيلة في عدد
المعاهد تعود الى تحول بعض المعاهد ذات المراحل المتعددة إلى اكثر من معهد للبنين،
وزيادة محدودة للبنات وبناء عليه فقد اصبح عدد التلاميذ المستفيدين من برامج
التربية الخاصة في المدارس العادية يفوق كثيرا إعداد أولئك الذين يدرسون في معاهد
التربية الخاصة والبرامج الملحقة بها، حيث بلغت نسبة البنين المدمجين (78%)، ونسبة
البنات المدمجات (46%).
2. لم
تعد التربية الخاصة تتركز في المدن ذات الكثافة السكانية فقط، و إنما أخذت
تنتشر لتشمل برامجها المدن الأقل كثافة
إضافة إلى الأرياف والقرى في المملكة.
3. لم
تعد التربية الخاصة مقتصرة على فئات المعوقين التقليدية المعروفة، المكفوفين والصم
والمعاقين عقليا، بل أصبحت تضم فئات عديدة مثل: الموهوبين، وضعاف البصر، وضعاف
السمع، وذوي صعوبات التعلم، والمعوقين جسديا وحركيا، والتوحديين، ومتعددي الإعاقة. وتعمل الأمانة حاليا على ضم فئات أخرى تندرج
ضمن نطاق المفهوم الشامل الحديث للتربية الخاصة.
4. تعددت
أنماط تقديم خدمات التربية الخاصة في المملكة،لتشمل خدمات المعاهد الداخلية
والمعاهد النهارية، والفصول الخاصة الملحقة بالمدرسة العادية، وبرامج غرف المصادر،
وبرامج المعلم المتجول، وبرامج المعلم المستشار، وبرامج متابعة في التربية الخاصة
مما أدى إلى تلبية احتياجات الأطفال على اختلاف فئاتهم .
كما أن قطاع
التعليم العالي في المملكة يسهم بجامعاته وكلياته في تطور التربية الخاصة بفتح
أبواب القبول
للفئات الخاصة ليشاركوا زملائهم في الدراسة الجامعية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق